مفهوم علم السياسة
يعاني علم السياسة من خلط واضح في المصطلحات وهذا يشكل بحد ذاته صعوبة في ميدان العلوم الاجتماعية وفي العلوم السياسية بصور خاصة وقد تشتت اهتمامات الباحثين إزاء تحديد المصطلحات و المداولات التي تستخدم في توضيح تلك المعاني، فمنهم من يركز على صفة العلم لموضوعه لتحديد مجموعة من المعارف والمعلومات التي تدرس تنظيم السياسة والفكر السياسي والأحداث السياسية و يهتم هذا الاتجاه بصورة خاصة بدراسة حكومة الدولة في (الفلسفة السياسية) إذ يشير العلامة هارولد زويل إن علم السياسة (علم السلطة ) فعلم السياسة يدرس السلطة في المجتمع وكيفية ممارستها وما هي أهدافها ونتائجها. وهذا الاتجاه الذي يشير إلى الربط بين علم السياسة والسلطة ظهر وانتشر في أوروبا في الفترة المحصورة بين الحربين العالميتين على يد كتاب معروفين على صعيد البحث الأكاديمي أمثال : شارل مريام - وهارولد اسول. ونتلمس نفس الاتجاه بوضوح عند جورج بيربد ففي رأيه أن السياسة تتجسد على المستويين العينين في السلطة والسياسية ولا يمكن الفصل بينهما وأن شدة اتحادهما تتمتع بدرجة عالية من القوة .إن رواد هذا الاتجاه من الكثرة بحيث إن القائمة التي تضم أسمائهم كبيرة جداً ويكفي أن نشير إلى تطور دراسة علم السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية جاء متزامناً مع هذا الاتجاه يمثله في فرنسا كبار الكتاب من أمثال ، ريمون ارونو ،جورج فيزل وموريس ديفرجة الذي يتربع على رأس هذه القائمة.
لقد أدى القول بأن ، علم السياسة علم السلطة ، إلى اختلاط مفهوم السلطة وتداخل مع مفاهيم ومصطلحات أخرى بحيث لم يعد التمييز واضحاً و مفهوماً بين السلطة، Authority والقوة Force والقدرة Puissance والسلطان authorities والهيبة Prestige، ومن المعلوم أن علم السياسة في جميع الأحوال ما هو إلا أحد العلوم الاجتماعية والذي يختص بدراسة أصول تنظيم الحكومات وإدارة شؤون الدولة حتى إن قسماً من علماء السياسة يعرفونه بأنه ( علم الدولة ) فجان دابين يتساءل بقوله ( ماذا يمكن أن يكون موضوع علم يلقب نفسه بعلم السياسة إن لم يكن الدولة ؟ ) يؤكد على هذا المنهج باحثون إمريكان كذلك أمثال جيمس H "" G .James " الذي عرف علم السياسة على أنه علم الدولة والرأي نفسه نجده عند رايموند كارفيلد كتيل عند إشارته على إن علم السياسة يعني بدراسة الدولة في الماضي والحاضر والمستقبل. وحتى بالمدرسة الاشتراكية تحاول الربط والتأكيد من إن علم السياسية علم الدولة انطلاقاً من المفهوم الماركسي الذي يرى بأن الدولة تقابل علم السياسة فادم شرف A.schaft و ستانسيلان ارليغ .S.Ehrlich من بولندا فيران بأن علم السياسة علم دراسة الدولة ومذهب القانون فيها ومن خلال تطورها التاريخي والذي يرتبط بالبنى الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع فالمفهوم الماركسي العلم السياسية إذن هو علم الدولة.
إن مجرد الإقرار بهذا الاتجاه هو ان علم السياسة هو علم الدولة فهذا يعني بالضرورة اخترنا الرأي القائل بأن علم السياسة هو دراسة كل ما يتصل بالسلطة أو بحكومات الجماعة.
وعلى الرغم من عدم الاتفاق بين علماء السياسية على موقف واحد موحد لنحدد مفهوم واضح وتعريف ثابت لعلم السياسة فأننا نشدد على الاتجاه القائل بأن علم السياسة برغم الاختلاف في تعريفه ، بدور مدلوله في نهاية حول كل ما يتصل بالسلطة Authority بالذات حينها تأخذ شكل الدولة.