أصل كلمة السياسة ومعناها

أصل كلمة السياسة ومعناها


أصل كلمة السياسة
إن كلمة السياسة في الإنكليزية politics وفي الفرنسية politique مشتقة من الكلمة الإغريقية polis وفي هذا شبه اتفاق على المفهوم بين الإنكليزية و الفرنسية. وهي تعني الدولة أو ( دولة المدينة التي كانت معروفة للإغريق في عصرهم ) ومما لا شك فيه أن بين السياسة والدولة رابطة وثيقة ، والأصل أنه عندما يذكر لفظ سياسة أو سياسي يفهم منه أنه له شأناً بالدولة وبتحديد أكثر ، في حكومة الدولة ، كانت السياسة تعني للمواطن الإغريقي بأن واجباً وطنياً وأخلاقياً يحتم عليه ممارسة العمل السياسي وهو المساهمة في وظائف الدولة. والجدير بالذكر أن أرسطو عبر بقوة عن وجهة نظر اليونان ( فالسياسة في رأيه هو كل ما من شأنه أن يحقق الحياة الخيرة في مجتمع له خصائص متميزة أهمها الاستقرار والتنظيم الكفء والاكتفاء الذاتي.
اصل كلمة السياسة

أما في العربية فيعود أصل كلمة سياسة إلى فترة تاريخية قديمة كما ورد في القصائد الشعرية أو على لسان زعماء العرب وقادتهم الأوائل. وقد تباينت في الهدف والمعنى لأنها تعكس حالات الظروف مختلفة أي أن العامل التاريخي و الحدث الاجتماعي كانا عاملين أساسيين في تباين اختلاف مضامين مصطلح السياسة عند العرب وأول من أورد كلمة سياسة في العربية هو ( أبو مليكة جرول العبسي المعروف بـ الحطيئة )
في مدح بغيض ابن لؤي الشراس :
يسوسون أحلاماً بعيداً أناتها.. وان غضبوا جاء الحفيظة والجد
وقد تباينت معاني السياسة فنراها الحكم والقيادة والزعامة هذا ما ورد في (الصحيحين مسلم والبخاري ) عن الرسول (ص) قوله (( كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء )) والسياسة هنا بمعنى الحكم.
ويشير ( قاموس لسان العرب ) إلى السياسة بمعنى ، السوس بمعنى الرياسة، وساس المرء سياسة قام بها.

معنى السياسية

أخذت ظاهرة السياسة تفرض نفسها على الواقع الاجتماعي ، وبدأت ترتفع في أهميتها إلى مصاف أولويات هذا العصر ، فقد أصبح الفرد متأثراً بكل ما يدور حوله في هذا العالم من أحداث سياسية شاء أم أبى ولقد أصبح القرن العشرون قرون
الظاهرة السياسية وما إن أيقن الفرد بحقيقة هذه الظاهرة حتى أصبح لكل شيء عنده سياسية فهناك ( سياسة اقتصادية ، سياسة اجتماعية ، سياسة قانونية ، سياسة مالية ، وسياسة رياضية وسياسة عائلية ... إلخ ) ومعها برزت معضلة الخلط بين السياسة و علم السياسة.
حيث أن الاهتمام بهابات أمراً مفروضاً على الفرد والمجتمع، والحكومات والدول أن لانعكاساتها تأثيراً سلبياً وايجابياً على حياة الفرد والمجتمع. إذن ما المقصود بالسياسة ؟ نستطيع القول ابتداء إن المواقف إزاء موضوع السياسة غير موحدة فهي تعكس بالضرورة وجهات نظر شخصية و تجارب فردية ذاتية متأثرة بنسب متفاوتة بمؤثرات و معطيات اجتماعية واقتصادية ونفسية و فلسفية ، وإزاء هذه الحقيقية نستطيع أن نتلمس اتجاهين : اتجاه مفعم بالأمل والأماني الطيبة والخير العام. وهو الاتجاه ( المثالي ) ويتزعم هذا الاتجاه رائد الفلسفة الإغريقية ( أرسطو) حيث يقول (( أن السياسة هو كل ما من شأنه أن يحقق الحياة الخيرة )) و نجد كذلك الطرح المثالي الغارق في الخيال الفلسفي عند رائد الاجتماع العربي ( ابن خلدون ) السياسة هي صناعة الخير العام وقد ارجع ابن خلدون خيرها على شرها فوصف الإنسان من حيث هو إنسان بأنه إلى الخير وخلال أقرب والملك والسياسة إنها كان له من حيث هو أنه إنسان لأنها خاصة للإنسان لا للحيوان.
هذا الاتجاه : ممكن أن نصفه بأنه اتجاه مثالي فلسفي لا يرى في السياسة إلا جانباً واحداً وهو الجانب الإيجابي أو الخير ، ولكن هذا الطرح في اعتقادنا يمثل هدفاً أو طموحاً نحاول العمل على تحقيقه.
أما الاتجاه الثاني : ممكن وصفه بالاتجاه المتشائم أو المتطرف وطرحه أحادي الجانب كذلك حيث لا يرى هذا الاتجاه في السياسة إلا الجانب السيئ والأسود فالسياسة عند رواد هذا الاتجاه ( لعبة قذرة ) فهي تحمل في طياتها خطر الصراع المستمر وبكافة أشكاله المعروفة فيصفها للعلامة ماكبرايد ( بأنها عمل قذر ) ووصف السياسي بأنه جامع نفايات. وهذا اعنف وصف متشائم للسياسة نستطيع أن نجعله شاهداً على هذا الاتجاه كما وردت عدة تعريفات عربية وأجنبية تمثل نفس الاتجاه ولكنها أقل تطرفاً فيصفها الأستاذ ، حسن صعب ، يقول ( إننا نذكر دائماً أن السياسة هي فن المساومة و التسوية ولا تعرف حضارة نشأت وازدهرت إلا في ظل الحكمة السياسية ).
أما تعريف ملحم قربان فيمكن القول بأنه تشدداً و تشاؤماً قريب من الواقعية. فالسياسة تعني عنده الفضي السلطوي للخلافات وهي الحل المطاع للمنازعات الحل الذي يقدر إذا ما تحداه أحد المتنازعين أو جميعهم معاً على فرض احترامه عليهم. فالسياسة هي التسويات المسموعة للخصومات. أن الطرح الأحادي من قبل الاتجاهين قد أدى بها إلى الابتعاد عن الموضوعية والواقعية إذ أن السياسة عندهما إما أن تكون مثالية فهي الخير المطلق أو تكون واقعية مبالغاً فيها إلى حد الشتائم والشر وفي اعتقادنا إذا كانت السياسة عملاً نظرياً جانباً خلقياً فهي عند التطبيق كثيراً ما تبتعد عن المثل الأخلاقية والتأملات الفلسفية ولكن الإصرار على جانب واحد في السياسة لا يعني سوى الابتعاد عن الموضوعية و الواقعية. أما المواقف الحديثة المعاصرة من السياسة فهي تنظر إلى السياسة نظرة عمومية -اجتماعية - شاملة - تهم الفرد والمجتمع يطرحها بعض الدارسين على أنها تلك العمليات الصادرة عن السلوك الإنساني التي تجلى فيها الصراع حول الخير العام من جهة ومصالح الجماعات من جهة أخرى ويظهر فيها الصراع أو التخفيف منه أو استمراره ويلاحظ عموماً أن الاتجاهات والتعريفات الحديثة تؤكد على أن جوهر السياسة هو الصراع حول طبيعة الحياة الآخرة والعلاقة بين مصالح الجماعات وهنا يمكن القول أن الصراع والسياسة العامة هي العناصر التحليلية الرئيسة في السياسة وهناك من يرى بأن السياسة يقصد بها السياسة العامة التي تضعها أي جماعة.




إرسال تعليق

أحدث أقدم