مفهوم العلاقات الدولية
إن التعريف بالعلاقات السياسية الدولية وماهيتها ليس مسألة سهلة كما يتصورها البعض بل هي في غاية الصعوبة والتعقيد، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة منذ عام 1648 عندما انبثق نظام الدول القومية الحديث إلى حيز الواقع اثر التوقيع على معاهدة وستفاليا الشهيرة وحتى يومنا هذا، يصعب على الدارسين والباحثين إعطاء تعريف جامع وشامل للعلاقات السياسية الدولية.ومن اجل معرفة موضوع العلاقات السياسية الدولية، لابد من القيام بمراجعة تاريخ مواقف العلماء والباحثين الذين كتبوا بهذا الصدد منذ خمسين سنة.
إن العلاقات السياسية الدولية كما يقول جيمس هي التي تتناول ((علاقات الدول والشعوب فيما بينها)). إن هذا التعريف بسيط وشامل ، بمعنى آخر لا يخضع لمنهجية علمية معينة ويمتاز بالشمولية التي لم تتناسب مع دقة موضوعة العلاقات السياسية الدولية وتعقيدها وبينما ذهب كل من كيرك وشارب إلى إن هذا الموضوع يعني ((بحث وتشخيص العوامل الرئيسة المحركة للسياسة الخارجية على أن تدرس
بشكل منظم )) ولقد ظهرت تعريفات جديدة بصدد هذه الموضوع في أعوام 1950. 1970 وكان من أبرز هذه التعريفات التي وردت في أفكار- هانس مورجانثو، كينث تومنس، ستانلي هوفمان ، جون بيرتن، جورجي شافنزاروف، ماكيلاند، كابلن ، فايتل ، فرانكل ، روز وغيرهم.
إن هانس مورجانثو أستاذ العلاقات السياسية الدولية الشهير يرى أن ((جوهر العلاقات الدولية هو السياسية الدولية . وان موضوع السياسة الدولية هو الصراع بين الدول المستقلة من اجل القوة )) .
أما ستانلي هوفمان الذي راجت أفكاره في الستينات فيقول ((إن حقل المعرفة للعلاقات الدولية يعني العوامل والنشاطات المؤثرة في السياسات الخارجية وفي قوة الوحدات الأساسية المكونة لعالمنا )).
وتعددت التعريفات في موضوعة العلاقات السياسية الدولية فيذهب هولتسي إلى أن العلاقات الدولية تنشأ داخل (( كل مجموعة من كيانات سياسية ، قبائل ، دول ، مدن ، أمم ،إمبراطوريات ، تربط بينها تفاعلات تتميز بقدر كبير من التواتر ووفق من الانتظام )). في حين يري مارتن بأنها ((مجموعة المبادلات التي تعبر الحدود أو تحاول عبورها )) وانطلاقا من هذه التعريفات التي تؤكد الطبيعة السياسية والحدودية لكل دولة يمكننا أن نعرف العلاقات الدولية بأنها ((كل علاقة ذات
طبيعة سياسية أو من شأنها إحداث انعكاسات وآثار سياسية تمتد إلى ما وراء الحدود الإقليمية لدولة واحدة )).
ولقد سعت جميع الدراسات وخاصة في بداياتها إلى محاولة معرفة طبيعية هذه العلاقات ومجالها لاسيما في الدراسات الجامعية وهذا يتضح تماما عندما يشير ((القريد زيمرن )) إلى ((أن دراسة العلاقات الدولية تمتد من العلوم الطبيعية من جهة إلى الفلسفة الأخلاقية من جهة ثانية )). والواقع أن طبيعة هذه الدراسية ينظر إليها من منظار يحاول فيه الكشف على المواضيع المرتبطة بهذه الدراسية وما هو تأثير تلك المواضيع في سير العلاقات السياسية الدولية . ومن الطبيعي أن تشمل هذه المواضيع على التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي والاقتصاد وعلم النفس وغيرها من العلوم الأخرى .