مفهوم المسؤولية العقدية والتقصيرية والفرق بينهم
المطلب الأول : مفهوم المسؤوليتين العقدية والتقصيريةالفقرة الأولى : المسؤولية العقدية
المسؤولية العقدية هي الجزاء المترتب عن الإخلال بالالتزامات التعاقدية، أو بمعنى آخر تتحقق هذه المسؤولية عندما يكون الضرر الذي تعرض له الشخص
ناتجا عن امتناع المدين عن تنفيذ التزامه العقدي أو تنفيذه بصورة سيئة أو الإنقطاع عن تنفيذ جزء منه، فيجب عليه تعويض هذا الضرر.
فلما كان العقد شريعة المتعاقدين فإنه يتعين احترام مضمون هذه العلاقة واي إخلال بها إلا ويستوجب تحميل المسؤولية للطرف الذي تسبب في حصول هذا
الإخلال، وهذا ما نص عليه الفصل 263 من ق.ل.ع حيث جاء فيه : " يستحل التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك
ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين"
ويشترط لقيام المسؤولية العقدية توافر ثلاثة شروط:
1. أن يوجد عقد يربط بين المسؤول والمضرور، فإن لم يجمع بينهما عقد لا تقوم المسؤولية العقدية، فمثلا حدوث أضرار قبل انعقاد العقد او بعد انتهائه فلا
تتحقق المسؤولية العقدية بل المسؤولية التقصيرية
2. أن يكون العقد صحيحا، فإذا كان العقد باطلا أو تم إبطاله ، فلا تطبق قواعد المسؤولية العقدية بل قواعد المسؤولية التقصيرية، مع الإشارة الى أن العقد القابل
للإبطال يظل منتجا لجميع اثاره، إلى أن يتم إبطاله
3. رجوع الضرر إلى الإخلال بالإلتزام العقدي حيث لا يكفي لقيام المسؤولية العقدية وجود عقد صحيح بين المسؤول والمضرور، حيث يشترط توافر رابطة قانونية بين الفعل الضار وبين عدم الوفاء بالالتزامات العقدية، وإلا تحققت المسؤولية التقصيرية.
أما إذا تخلفت هذه الشروط او احدها لا تتحقق المسؤولية العقدية.
الفقرة الثانية : تعريف المسؤولية التقصيري
تترتب المسؤولية التقصيرية عن مجرد الإخلال بالواجبات القانونية المفروضة على الكافة، والمتمثلة في عدم الإضرار بالغير سواء كان منصوصا على صوره
في نصوص تشريعية أو يفرضها مبدا عدم الإضرار بالغير، كعدم المساس بسلامة الأفراد واحترام حقوق الجوار وإذا لحق الضرر بالغير اجبر المسؤول على تعويض المضرر عن الضرر الذي الحقه به، وهذا ما قرره المشرع كقاعدة عامة في الفصل 77 من ق.ل.ع الذي يقضي بان "كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون فاحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر"
والملاحظ أن المسؤولية التقصيرية تقضي بان يكون المتسبب في الضرر اجنبيا عن الطرف المضرور.
المطلب الثاني : الاختلافات التي تميز المسؤولية العقدية عن المسؤولية التقصيرية.
من المعلوم ان الفقه والقضاء قد تبنيا فكرة الازدواجية التي تحكم انظمة المسؤولية المدنية، وتلك بسبب وجود الكثير من الاختلافات القانونية التي تميز بين المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية: وتتميز هذه الاختلافت بأهمية بالغة من الناحية العملية، لذلك سنحاول توضيحها بشيء من التفصيل:
أولا - من حيث الأهلية : يشترط لقيام المسؤولية العقدية تمام الأهلية، بخلاف المسؤولية التقصيرية التي يكفي فيها التميز فقط وادراك الشخص لنتائج وعواقب تصرفاته، وهذا ما أكده المشرع في الفصل 96 من ق ل ع.
ثانيا- من حيث درجة الخطا: تترتب المسؤولية العقدية عن الإخلال بأحد الالتزامين اولهما بتحقيق غاية وثانيهما ببذل عناية، فإذا كان الإلتزام بتحقيق غاية تحقق المسؤولية عن عدم تحقق النتيجة إلا إذا حدث سيب اجنبي.أما إذا كان الإلتزام ببذل عناية فإن الخطا يقاس بمعيار الرجل العادي بحيث لا تقوم المسؤولية عن الخطا اليسير الذي لا يمكن تجنبه، بخلاف المسوؤلية التقصيرية التي تقوم دائما مهما كان الخطا يسيرا او تافها فهو ثابت لا يتغير.
ثالثا- من حيث الإنذار او الإخطار : في إطار المسؤولية التقصيرية لا تقتظي المطالبة بالتعويض أن يبادر المضرور إلى إخطار أو إنذار الطرف الذي تسبب في وقوع هذا الضرر، في حين أن المسؤولية التعاقدية لا تتحقق إلا بعد وضع المدين في حالة مطل عن طريق إنذاره من قبل الدائن خصوصا في الحالات التي يكون
الإلتزام غير محدد الأجل.
رابعا - من حيث التضامن بين المسؤولين : المبدا الذي يحكم المسؤولية العقدية هو انه لا تضامن فيها إلا بالاتفاق او بناء على نص قانونية،بخلاف المسؤولية التقصيرية فرغم أن الأصل هو عدم التضامن، إلا أنه في حالة تعدد المسؤولين فإن الوفاء بالتعويض يكون بالتضامن سيما في الحالات التي يتعذر فيها نسبة الخطا إلى شخص معين بذاته، أو كان الضرر قد صدر عن مجموعة اشخاص وتعذر تحديد المسؤول المباشر عنه.
خامسا- من حيث الإثبات : إثبات الإلتزام العقدي اسهل بكثير من اثبات الإلتزام التقصيري، فالدائن عليه أن يقيم الدليل على وجود عقد بينه وبين المدينه وانه قد حصل الإخلال بالإلتزامات التي يتضمنها، وعلى المدين أن يدفع المسؤولية عنه باثبات السبب الأجنبي اما الإثبات بالنسبة للمسؤولية التقصيرية فإنه غالبا ما
الإلتزام غير محدد الأجل.
رابعا - من حيث التضامن بين المسؤولين : المبدا الذي يحكم المسؤولية العقدية هو انه لا تضامن فيها إلا بالاتفاق او بناء على نص قانونية،بخلاف المسؤولية التقصيرية فرغم أن الأصل هو عدم التضامن، إلا أنه في حالة تعدد المسؤولين فإن الوفاء بالتعويض يكون بالتضامن سيما في الحالات التي يتعذر فيها نسبة الخطا إلى شخص معين بذاته، أو كان الضرر قد صدر عن مجموعة اشخاص وتعذر تحديد المسؤول المباشر عنه.
خامسا- من حيث الإثبات : إثبات الإلتزام العقدي اسهل بكثير من اثبات الإلتزام التقصيري، فالدائن عليه أن يقيم الدليل على وجود عقد بينه وبين المدينه وانه قد حصل الإخلال بالإلتزامات التي يتضمنها، وعلى المدين أن يدفع المسؤولية عنه باثبات السبب الأجنبي اما الإثبات بالنسبة للمسؤولية التقصيرية فإنه غالبا ما
يكون شاقا سيما في حالات المسؤولية القائمة على خطا واجب الإثبات، حيث يجب على الطرف المضرور أن يقيم الدليل على توافر العناصر الثلاثة التي تنبني عليها هذه المسؤولية وهي الخطا و الضرر والعلاقة السبية.
سادس-من حيث التقادم: تتقادم دعاوى المسؤولية التقصيرية بمرور خمس سنوات تبتدئ من تاريخ علم المضرور بحدوث الضرر والمسؤول عنه،أوب مضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر، طبقا لمقتضيات الفصل 106 من قلع بينما تتقادم دعاوى المسؤولية العقدية طبقا للقاعدة العامة في تقادم الإلتزامات بمضي خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي قرر لها القانون حكم خاص.
نن
ردحذف