الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر القاعدة القانونية

الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر القاعدة القانونية

يقصد بالشريعة الإسلامية ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أحكام لعباده بنصوص القرآن وما صدر عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من سنة قولية أو فعلية أو تقريرية أي الكتاب والسنة، ونظرا لأهمية هذا المصدر خصصت له مادة تدرس كذلك بالسنة الأولى من الدراسات القانونية، هذا ويجري الأمر عند البعض على إطلاق عبارة الشريعة الإسلامية على الفقه الإسلامي وكأن الشريعة مرادفة للفقه، في حين أنها أعم وأكمل من الفقه على اعتبار أن هذا الأخير يمثل فهما لجتهدين للشريعة، وهي المقصودة بقوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " (سورة المائدة : الآية 3).
فالشريعة هي شرع الله للناس، فهي تتناول القواعد والأصول العامة، أما الفقه فهو استنباطا لمجتهدين من الكتاب والسنة اعتمادا على هذه القواعد وتلك الأصول الفقه إذن هو شرع الناس للناس .
المبحث الأول: الانتقال من الشريعة الإسلامية إلى القانون الوضعي
اتسم النظام القانوني المغربي منذ الفتح الإسلامي وحتى عهد الحماية بالطابع الديني الصرف، حيث ساد تطبيق الفقه الإسلامي على مذهب الإمام مالك عقيدة وشريعة كمصدر
رسمي أصلي عام، وصاحب الولاية العامة في كل المسائل وعلى كل الأشخاص بغض النظر عن ديانتهم أما الشرائع الدينية الأخرى ، فقد كانت ذات ولاية محدودة به بعض المسائل كالأحوال الشخصية ، حيث كانت تطبق على المغارية غير المسلمين شرائعهم في بعض تلك المسائل فقط ومع مجيء الحماية الفرنسية إلى المغرب احتلت التشريعات المستمدة من القوانين الغربية المرتبة الأولى من بين المصادر الرسمية للقاعدة القانونية، وأصبحت الشريعة الإسلامية مصدرا رسميا احتياطيا ، إلا المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والحقوق العينية التي لا زالت فيها  الشريعة مصدرا رسميا أصليا
الشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر القاعدة القانونية

المبحث الثاني: الفقه الإسلامي مصدر من مصادر القانون المغربي
لقد كرست الدساتير المغربية مكانة الهوية الإسلامية، فقد نصت ديباجة الدستور الحالي على أن "المملكة المغربية دولة إسلامية، وأن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها "، ونص الفصل الثالث على أن "الإسلام دين الدولة"، أما الفصل 175 المتعلق بمراجعة الدستور، فقد نص هو أيضا على أنه لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي".
لكن درجة حضور الشريعة الإسلامية كمصدر للقانون تختلف من فرع لأخر من فروع القانون حسب ما يلي :
تعتبر الشريعة الإسلامية الفقه الإسلامي على المذهب المالكي، عموما، مصدرا ثالثا من مصادر القانون المغربي بعد التشريع والعرف، وهذا بخلاف بعض التشريعات العربية التي جعله المصدر الأول، كالتشريع  الأردني الذي جاء فيه أن مصدر القانون المدني هو الفقه الإسلامي، وأن مرجع تفسير نصوص القانون هو علم أصول الفقه.
وهكذا نص القانون المدني الأردني في المادة الثانية منه على أن المحكمة "إذا لم تجد نصا بهذا القانون حكمت بأحكام الفقه الإسلامي الأكثر موافقة لنصوص من القانون، فإن لم توجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية".
وورد في المادة الثانية من القانون نفسه، يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالته إلى قواعد أصول الفقه الإسلامي.
هناك قوانين مغربية مستمدة مباشرة من الفقه الإسلامي: مدونة الأسرة، مدونة الأوقاف، مدونة الحقوق العينية، وأحكام كثيرة من قانون الالتزامات والعقود والقانون التجاري
وهناك قوانين أخرى نصت على أن الفقه الإسلامي يعتبر مصدرا احتياطيا لها عند عدم النص الواجب التطبيق وهي:
مدونة الأسرة التي نصت المادة 400 على ما يلي: "كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل
والمساواة والمعاشرة بالمعروف".
مدونة الأوقاف التي نصت في المادة 169 على ما يلي: كل ما لم يرد فيه نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى أحكام المذهب المالكي فقها واجتهادا بما يراعى فيه تحقيق مصلحة
الوقف".
مدونة الحقوق العينية نصت في المادة الأولى على ما يلي : "تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود ، فيما لم يرد به نص في هذا
القانون، فإن لم يوجد نص، يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي فمدونة الأسرة ومدونة الأوقاف اعتبرتا الفقه الإسلامي مصدرا احتياطية في الدرجة
الأولى عند غياب النص، بينما مدونة الحقوق العينية اعتبرته مصدرا ثانيا بعد قانون الالتزامات والعقود أما بقية القوانين المغربية كقانون الالتزامات والعقود، والقانون الجنائي، ومدونة
التجارة، ومدونة التأمينات وغيرها فإنها لم تشر إلى مكانة الفقه الإسلامي من بين المصادر الأخرى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم