الأركان اللازمة لقيام المسؤولية العقدية
الأركان اللازمة لقيام المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما لكن بالنظر إلى طبيعة الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية العقدية والمتمثل في الاخلال بإلتزام ارادي فان عناصرها تنفرد بأحكام لا تنطبق على عناصر وأركان المسؤولية التقصيرية خصوصا من حيث مفهوم الخطأ العقدي وحجم الضرر الواجب تعويضه. لقيام المسؤولية العقدية يفترض وجود عقد صحيح واجب التنفيذ لكن المدين بالإلتزام لم يقم بالتنفيذ مما سبب ضررا للدائن وبالتالي فعناصر المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرروالعلاقة السببية.
المطلب الأول: الخطأ العقدي
ما دام العقد هو نتاج توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني فان كل طرف فيه ملزم بتنفيذ ما ترتب عنه من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك عنه من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و يستوي في ذلك ان يكون عدم التنفيذ عمديا أو عن اهمال أو تقصير, فالخطأ العقدي يتحقق حتى ولو كان عدم قيام المدين بالإلتزام ناشئا عن سبب أجنبي و ان كانت رابطة السببية تنتفي لوجود السبب الأجنبي فتنعدم المسؤولية لانعدام السببية لا لانعدام الخطأ, ويتخذ الخطأ العقدي أكثر من مظهر قانوني فقد يكون نتيجة عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي للإلتزام وقد يكون نتيجة التأخر في التنفيذ عن الميعاد كما قد يتحقق في حالة التنفيذ في غير المكان المتفق عليه أو ان يتم التنفيذ و لكن دون الإلتزام بالمواصفات المنصوص عليها في الإتفاق.
الفقرة الأولى: أنواع الخطأ العقدي
1 - الإلتزام بتحقيق غاية
يكون قد نفذ الإلتزام تنفيذا عينيا وعدم تنفيذ هذه الغاية يقوم مقام الخطأ العقدي الموجب للمسؤولية حتى وإن كان بذل الجهد الكافي والمعتاد في تحقيق النتيجة لكن دون جدوى فعدم تحقيق النتيجة يستوي الخطأ العقدي ما لم يثبت المدين تدخل العامل الأجنبي في عدم تحقق النتيجة.
2 - الإلتزام ببذل عناية.
هنا يكون محل إلتزام المدين ليس تحقيق غاية محددة وإنما ببذل الجهد الكافي والعناية اللازمة في تحقيقها فقد تتحقق النتيجة وقد لا تتحقق والخطأ العقدي في هذا النوع من الإلتزامات لا يقوم بعدم تحقق الغاية من الإلتزام وإنما يتحقق بعدم بذل العناية الكافية لتحقيق هذا الإلتزام لأن الخطأ العقدي هنا يتحقق بالتقصير والإهمال وليس بعدم تحقق النتيجة.
الفقرة الثانية: إثبات الخطأ العقدي
إثبات الخطأ العقدي يختلف عبئ إثبات الخطأ العقدي باختلاف إلتزام المدين فإذا كان إلتزامه بتحقيق نتيجة, وقع على عاتقه عبئ إثبات تحقق هذه النتيجة؛ أما الطرف الدائن فهم ملزم بإثبات وجود عقد صحيح مصدر إلتزام المدين وإثبات الضرر الحاصل له من جراء عدم التنفيذ العيني.
أما إذا كان إلتزام المدين يدخل في زمرة الإلتزام ببذل عناية انتقل عبئ الإثبات إلى الدائن الذي يكون ملزما بإثبات التقصير والإهمال في جانب المدين فيجب عليه تقديم الدليل على نقص ما بذله المدين في تنفيذ إلتزامه.
الفقرة الثالثة: المسؤولية العقدية عن فعل الغير
المسؤولية العقدية عن فعل الغير قد يقع من الناحية العملية أن يسخر المدين الأصلي غيره في تنفيذ إلتزاماته التعاقدية فيكون مسؤولا عن أخطأئه اتجاه الدائن مسؤولية عقدية.
والمسؤولية العقدية عن فعل الغير أكثر من مظهر قانوني وأهم ما تتمثل فيه هذه المظاهر جميعها هو ما يسمى بالعقود من الباطن حيث نكون امام عقدين الأول أصلي والثاني فرعي.
المطلب الثاني: الضرر
لا يكفي لقيام مسؤولية المدين العقدية أن يرتكب الخطأ العقدي المتمثل في عدم التنفيذ العيني للإلتزام وإنما يجب ان يسبب هذا الخطأ ضررا للطرف الدائن فالضرر يعتبر ركنا أساسيا لقيام المسؤولية العقدية.
الفقرة الأولى: أنواع الضرر
الضرر المادي : هو الضرر الذي يصيب الدائن في ماله أو سلامته الجسدية
الضرر المعنوي: هو الضرر الذي يصيب الدائن في كرامته ومشاعره أو شرفه.
يستحق التعويض عن الضرر المادي والمعنوي سواء كانت المسؤولية تقصيرية أو عقدية.
الفقرة الثانية: شروط الضرر
أن يكون الضرر محققا أي أن الضرر يجب أن يكون قد وقع فعلا والأصل أن التعويض لا يتم عن هذا النوع من الضرر, لكن قد يقع التعويض عن الضرر المستقبل وهو الضرر الذي وقعت أسبابه لكن آثاره تراخت إلى المستقبل لكنها مؤكدة الوقوع؛ أما إذا كان الضرر محتملا لا يستحق عنه الدائن التعويض لضعف صلته العقدية يدخل تفويض من حيث المبدأ في إطار الضرر المحتمل الذي لا يعوض عنه.
أن يكون الضرر شخصيا بمعنى أن يصيب الضرر الطرف الدائن شخصيا سواء في جسمه أو ذمته المالية أو في كرامته وإذا توفي المدين قبل حصوله على التعويض حل محله الورثة.
أن يكون الضرر مباشر وهو الضرر الذي يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالإلتزام أو التأخر في الوفاء به ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوخاه ببذل جهد معقول بمعنى ان يكون هناك ارتباط وثيق بين الخطأ والضررالحاصل.
أن يكون الضرر متوقعا وقت إبرام العقد وهو الضرر الذي ينتظر المتعاقدين حدوثه ووقوعه في حالةعدم تنفيذ المدين للإلتزام تنفيذا عينيا.
الوقت الذي ينظر إلى كون الضرر متوقعا هو وقت إبرام العقد ويقتصر التعويض في المسؤولية العقدية على الضرر.
المطلب الثالث: علاقة السببية بين الخطأ والضرر
علاقة السببية بين الخطأ والضرر هي الركن الثالث في المسؤولية العقدية كما هو الشأن في المسؤولية التقصيرية فإذا ارتكب المدين خطأ وحصل ضرر للدائن لكن دون أن يكون خطأ المدين هو السبب في ضرر الدائن انتفت العلاقة السببية وانتفت بالتبعية مسؤولية المدين, يفرض القانون على الدائن واجبا مؤداه ألا يركن إلى تقصير المدين ويستسلم للضرر لناشئ له بل يحتم عليه الواجب أن يعمل على درء الضرر عن نفسه ببذل الجهد المعقول الذي تتطلبه ظروف الحال فإن أحجم عن بذل هذا الجهد كان مقصرا
وكان تقصيره هذا السبب الحقيقي لكل ضرر مترتب عن أحجامه.
لا يجوز ان يؤاخذ المدين بخطأ لم يقترفه أي لا يجوز ان يلتزم بإصلاح ضرر سببه غيره كذلك لا يجوز مساءلة المدين عن ضرر سببه الدائن لنفسه بنفسه كما لا يجوز أن يتحمل الشخص مسؤولية ضرر كان السبب فيه هو القوة القاهرة.
توافر عناصر المسؤولية العقدية يعطي الحق للطرف المضرور في الحصول على التعويض المناسب لجبر الضرر المترتب عن إخلال المدين بالإلتزام وهو إما تعويض اتفاقي حيث تتفق الأطراف المتعاقدة على مقدار معين من التعويض يستحقه الدائن في حالة إخلال المدين.
المطلب الرابع: حالات انتفاء المسؤولية العقدية
المدين يعتبر غير مسؤول عن الضرر الحاصل للدائن جراء عدم تنفيذ الإلتزام متى كان السبب في ذلك لا يمكن أن يعزى إليه وإنما يعزى لسبب أجنبي عنه حال بينه وبين التنفيذ العيني للإلتزام, يقصد بالسبب الأجنبي الذي ينفي مسؤولية المدين كل أمر أجنبي عن المدين ويلزم لتحقيق السبب الأجنبي توافر شرطين أساسيين :
1 - أن لا يكون للمدين يد في حصوله ولم يكم في وسعه تفاديه.
2 - أن يؤدي السبب الأجنبي إلى استحالة تنفيذ الإلتزام كليا أو جزئيا, ويلزم هنا أن يكون من شأن السبب الأجنبي ان يؤدي إلى استحالة أداء الإلتزام فلا يكفي أن يكون من شانه أن يجعله أشد إرهاقا أو أشد كلفة على المدين, ويحتوي السبب الأجنبي القوة القاهرة والحادث الفجائي فعل أو خطأ الدائن ثم فعل أو خطأ الغير.