تعريف القانون

تعريف القانون

كلمة القانون لها معنى لغوی ومعنی اصطلاحی 

أولا القانون في اللغة :

القانون يعني في اللغة مقياس كل شئ وطريقه. وكلمة قانون مفرد قوانين وتعنى الأصول ولفظ القانون يفيد النظام، والمقصود به تكرار أمر معين على وتيرة واحدة بحيث يعتبر خاضعا لنظام ثابت. وبهذا المعنى أطلق لفظ القانون على النظم التي تحكم الظواهر الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية... إلخ، فإذا قلت قانون رد الفعل (قانون نيوتن الثالث أفاد ذلك أن كل فعل يخضع لرد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه "وإذا قلت قانون السكون والحركة أفاد ذلك أن كل شئ ساكن يظل ساكنا وكل شئ متحرك يبقى متحركا ما لم تؤثر فيه قوة خارجية يستمر الجسم على حالته من سكون وحركة منتظمة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية" (قانون نيوتن الأول).

وقد كان للعرب السبق إلى استخدام كلمة القانون بمعنى القواعد التنظيمية، بالرغم من أن كلمة قانون ليست من أصل عربي، فقد قيل أنها رومية وقيل فارسية .

وقد انتقلت كلمة "قانون" إلى لغتنا العربية بأصلها اليوناني Kanon، وتفيد مجازا القاعدة والقدوة والمبدأ وهى تعنى العصا المستقيمة، ويفسر ذلك انتقالها إلى اللغات الأخرى بمعنی مستقیم وقد عبرت عنها اللغة الفرنسية بكلمة Droit وتقابلها في الإيطالية "Dirito" وفي الألمانية "Recht" ... الأخ، فيكون بذلك القانون هو الخط الذي يميز بين الاستقامة والانحرافه.

ثانية القانون في الاصطلاح

يستعمل لفظ القانون في الاصطلاح القانوني في معنی عام وفي معنی خاص.

فالقانون بالمعنى العام Droit هو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع أو هو النظام الذي تجري وفقا له علاقات الأشخاص في المجتمع. أو هو مجموعة القواعد التي تجعل هذه العلاقات تسير على منوال واحد وطبقا لنظام ثابت. وبهذا المعنى يقال أن أمرا معينا مخالف للقانون أو مطابق له. ومن هذا المعنى العام أطلق لفظ القانون على العلم الذي يبحث في مجموعة تلك القواعد، فيقال كلية القانون وأساتذة القانون، ومجلة القانون.

وبما أن اللغة القانونية قد استحوذت على الاصطلاح في معناه العام بمعنی مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع. ويشمل هذا المعنى العام في ثناياه المعنى الخاص للاصطلاح بمعنى أنه يدخل في مفهوم القانون القواعد الصادرة عن السلطة التشريعية والتي تسمى (Loi) التشريع.

ولكن التشريع كما سيرد البيان ليس هو المصدر الوحيد الذي يعطى للقواعد القانونية قوتها الملزمة في العمل، أي ليس هو المصدر الرسمي الوحيد للقانون بمعناه العام الواسع، حتى تصدق التسوية بينهما في الاصطلاح، ولعل أهمية التشريع بين مصادر القانون هي التي بررت الترخيص في إطلاق اصطلاح القانون على التشريع، ويسرت بذلك الخلط بين القانون ذاته كمجموع قواعد السلوك الملزمة للأفراد في المجتمع، وبين أحد مصادره الرسمية الهامة وهو التشريع.

وإذا كان مثل هذا الخلط واجب الدفع للتمييز بين هذين المدلولین الاصطلاح "القانون، وكان المدلول المقصود أصلا والذي سوف نعنيه في هذا الكتاب بإطلاق هذا الاصطلاح هو المدلول العام الواسع الذي ينصرف إلى مجموع قواعد السلوك الملزمة للأفراد في المجتمع، فيراعى أن هذا الاصطلاح ينبثق عنه اصطلاح آخر مركب للدلالة على أن هذه القواعد سائدة ومطبقة فعلا في المجتمع، هو اصطلاح القانون الوضعي" Le droit positif وهو اصطلاح يتحدد بالزمان والمكان على السواء، فيقال "القانون الوضعي المصري أو الفرنسي الحالي" مثلا، للدلالة على القانون السائد في مصر أو فرنسا في الآونة الحاضرة.

فالمقصود بصفة الوضعية التي تلحق قانون جماعة معينة في وقت معين، هو توافر الصفة الإيجابية لقواعده عن طريق ما يصحبها ويؤيدها في التطبيق من إجبار مادی معین تملكه سلطة عامة في الجماعة.

مفهوم القانون، الحق، النظام القانوني


(أ) القانون الوضعي والقانون الطبيعي

تعني كلمة قانون - وهي مجردة عن الوصف مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، فإن وصفت بوضعي" أو طبیعی تخصصت بمعنى معين. 

1- فيقصد إذن بالقانون الوضعي Droit Positif مجموعة القواعد الملزمة التي توضع سلفا لتنظيم سلوك الأفراد في مجتمع معين

وفي مكان معين وفي زمان معين ، ونتيجة أن هذه القواعد تكون موضوعة سلفا أن يتمكن الأفراد من معرفتها وأن ينظموا سلوكهم على أساسها. ونتيجة أن هذه القواعد تتخصص بمكان معين وبزمان معين أنها تتغير بتغير الظروف الاجتماعية في بلد معين . وتلك حقيقة يسجلها علم تاريخ القانون. فالقانون الوضعي في جمهورية مصر العربية غير القانون الوضعي في الهند مثلا، وقانوننا الوضع المعاصر غير القانون الوضعي في عهد الفراعنة أو في العصور الوسطى. ۲- ويقصد بالقانون الطبيعي Droit naturel مجموعة القواعد الدائمة التي لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، وتعتبر القواعد المثالية التي توجه القانون الوضعي، والتي يجب أن يتجه إلى الأخذ بها المشرعون في مختلف البلاد . ولنا عودة إلى مزيد من الإيضاح بالنسبة لهذا القانون الطبيعي

(ب) القانون المسنون (المكتوب) والقانون غير المسنون(غير المكتوب).

يقصد بالقانون المسنون (Droit ecrit) مجموعة القواعد التي توضع مسطورة أو مكتوبة. ويقصد بالقانون غير المسطور مجموعة القواعد التي توضع دون أن تكون مكتوبة. وإذن فهذه التفرقة تقوم على أساس النظر إلى كيفية مجئ القاعدة وليس على أساس النظر إلى حالتها الراهنة. فإذا فرضنا مثلا أن شخصا قد قام بجمع القواعد العرفية في كتاب فإن هذه القواعد بحالتها المادية تعتبر مكتوبة، ولكنها بالرغم من ذلك لا يصح أن تسمى بالقانون المكتوب، ذلك أن هذه القواعد حين وضعتها الجماعة لم تكتبها و إنما تناقلتها الأجيال ش فاهة أو إحساسة، ومن ثم فهي تعتبر من القانون غير المسنون. وعلى العكس من ذلك فإن مجلس الشعب إذ يضع قانونا فإنما يضعه مكتوبا . وإذن فحين تجي هذه القاعدة تكون مكتوبة فتعتبر من القانون المسنون .

ولا شك أن القواعد المسنونة تكون أكثر انضباطا من القواعد غير المسنونة. كما وأن القانون المسنون هو الذي يمكن أن يكون محلا

القانون. 

القاعدة القانونية، فروع القانون والنظام القانوني

القانون هو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم العيش في الجماعة. وهنا نضيف أن هذا هو المعنى الدقيق للكلمة والذي تشمل كل قاعدة بصرف النظر عن مصدرها، فهو إذن المعنى العام لكلمة قانون (Droit). على أن الاصطلاح قد جرى أيضا على أن يقصد بهذه الكلمة معنى أضيق من ذلك الذي تقدم، فتعنى حينئذ ليس كل القواعد و إنما نوعا واحدا منها. وسوف نعرض فيما بعد إلى ما يسمى بمصادر القانون، وسوف نعلم من هذه الدراسة أن هناك أكثر من مصدر للقاعدة، فقد تأتي عن طريق مجلس الشعب أو أية سلطة يعتبرها الدستور في منزلته، وقد تأتي من ضمير الجماعة، وقد تأتي من غير ذلك. والنوع الأول أو ما يضعه "البرلمان" يسمى في الاصطلاح التشريع" (Loi) وعلى ذلك يكون التشريع نوعا من القانون . بيد أن التعبير قد جرى على إطلاق تسمية القانون على التشريع، وأصبحنا نتحدث عن قانون السلطة القضائية، أو قانون الإصلاح الزراعي، أو قانون الوصية . وهذا الذي درج عليه التعبير صحيح. فالتشريع يعتبر قانون، بل هو الصورة الطبيعية والغالبة للقانون، ولكن التشريع لا يستغرق كل صور القاعدة القانونية . فالعرف قانون ولكنه ليس تشريعا. وبناء على ذلك يمكن القول بأن كل تشريع يعتبر قانونا ولكن ليس كل قانون يعتبر تشريعا . ومن ثم يتضح أن لكلمة "قانون" مدلولين أحدهما واسع والآخر ضيق . فيعني المدلول الأول كل قاعدة عامة ملزمة أيا ما كان مصدرها، ويعني الثاني القاعدة العامة الملزمة التي تأتي عن طريق السلطة التشريعية.

ونحن في دراستنا نقصد المدلول الواسع لكلمة قانون و هو يعنی مجموعة القواعد ومفردها قاعدة. وعليه تكون القاعدة القانونية هي الوحدة التي يتكون منها القانون على أنه ليس معنى أن القاعدة القانونية هي "وحدة" أن تخاطب شخصا معينا، فهي عامة كالمجموع الذي تكونها، وإذا نظرنا إلى نشاط الإنسان في مجتمع منظم ألفيناه متعدد النواحي متباين الأوجه، فقد يدخل في علاقة مع السلطة العامة، وقد يدخل في علاقة مع فرد مثله كأن يبيع أو يتزوج، أو يقتل أو يسرق . والقانون بكل هذه الأوجه من النشاط محيط. وهو في إحاطته يضع قواعد شتي تهدف كل منها إلى الوصول إلى غرض معين . ويجتمع كل عدد من القواعد التي تنظم موضوعا واحدا أو مجموعة من الموضوعات المتقاربة فيما يسمى بفرع القانون" Droit naturel فيقال القانون المدني، أو القانون التجاري، أو قانون المرافعات (قانون المساطر)، وكلها أفرع القانون.

مفهوم النظام القانوني :

والأفرع المختلفة للقانون، بما تحويه من قواعد قانونية تكون في مجموعها ما يسمى بالنظام القانونى (Instiution Juridique). و إذن فكل القواعد التي يحويها القانون المصري بجميع فروعه تسمى بالنظام القانوني المصري. وهكذا يبدو التدرج واضحا - مجموعة من القواعد تكون فروعا في القانون، ومجموعة من فروع القانون تكون النظام القانوني. وإذن فالنظام القانوني هو قانون واحد من الدول، أو هو شريعة واحدة من الدول.

غير أن الاصطلاح النظام القانوني معنيين ثاني وثالث. أما الثاني فكثيرا ما نصادفه في دراسة القانون المقارن. ويقصد به مجموعة من قوانين الدول مستوحاة من مبادئ مشتركة أو يمكن تقريبها ويسود أحكامها كثير من التشابه . فمثلا قوانين أوربا الغربية وتركيا وبعض دول أمريكا اللاتينية تكون ما يسمى بالنظام القانوني اللاتيني .

وأما المعنى الثالث فهو أخص من المعنى الأول والثاني، فهو لا یعنی قانون مجموعة بلدان، أو قانون بلد واحد، وإنما يعني بعض من قواعد قانون البلد الواحد تنظم مسألة معينة، ولكنها تمتاز بأهمية بالغة . فكافة القواعد التي تنظم الزواج، من مرحلته التمهيدية وهي الخطبة إلى انعقاده إلى آثاره بالنسبة للأولاد وبالنسبة للزوجين، إلى إنهائه، أيا ما كان موضعها، تكون النظام القانوني للزواج. وكذلك كافة القواعد التي تحيط بشتى مشاكل الملكية تكون النظام القانوني للملكية .

وقد ينتمى القانون إلى أحد النظم القانونية التي يستمد أفكاره الوضعية أو الشرائع الوضعية الأساسية منها، فمن المعروف أن النظم القانونية الوضعية الرئيسية هي النظام اللاتيني والنظام الأنجلو سکسونی أو الأنجلو أمريكي والنظام الجرماني.

 فالقانون المصرى وكذلك الفرنسي ينتمي إلى النظام اللاتيني-وكذلك القانون المغربي-، بينما ينتمى القانون الإنجليزي والأمريكي إلى النظام الأنجلو سکسونی وينتمى القانون الألماني والياباني للنظام الجرماني .

القانون والحق:

يوجد إلى جانب مفهوم القانون مفهوم ينبثق عنه هو مفهوم الحق. فإذا كان القانون يتصدى لحكم سلوك الأفراد في المجتمع حكمة ملزما فإنه يعمل أمام تشابك مصالح الأفراد وتعارضها فيما يقوم بينهم من علاقات على تغليب بعض هذه المصالح على بعض، ووضع أصحاب المصالح المغلية في مركز ممتاز بالنسبة إلى غيرهم من الأفراد، بحيث يثبت لهم حقوقا تخولهم الاستئثار بسلطات معينة تلتزم الكافة باحترامها.

فقد يخول لفرد من الأفراد الاستئثار بالتسلط على شئ من الأشياء بإعطائه حقه الملكية عليه، فيضعه بذلك في مركز ممتاز علی غيره الكافة باحترام حقه في هذا التسيط.

وقد يخول القانون لفرد من الأفراد سلطة اقتضاء عمل أو امتناع من جانب شخص آخر يلزم بالخضوع لهذا الاقتضاء، فيثبت له بذلك حقا قبل هذا الشخص، يجعله في مركز ممتاز سواء بالنسبة إلى الملتزم بالعمل أو الامتناع لقدرته على اقتضاء الوفاء منه بهذا الالتزام، أو بالنسبة إلى الكافة جميعا لانفراده دونهم قبل الملتزم بمثل هذه القدرة.

وبذلك تتفرع الحقوق عن القانون. وتلك ظاهرة يمتاز بها القانون على الأخلاق كما سنرى، إذ هو لا يقنع كالأخلاق بمجرد فرض التكاليف والواجبات على الأفراد، بل يجاوز ذلك إلى تقرير الحقوق لهم وهو ما لا تفعله الأخلاق. وبذلك تحتل الحقوق أهمية كبرى في النظام القانوني.

المصدر:

أحمد محمد الرفاعي: المدخل الى العلوم القانونية-نظرية القانون، 2007/2008، ص7 ومابعدها.

إرسال تعليق

أحدث أقدم