محاضرات في قانون الأسرة PDF

 محاضرات في قانون الأسرة المغربي PDF

محاضرات في قانون الأسرة-للأستاذ كريم متقي.

موجز من المقدمة:

" لقد اقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق هذا الكون وأن يجعل الإنسان خليفة في أرضه ، تنفيذا لحكمته وإرادته ، قال تعالى " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون " ( 1 ) ، وقد بدأ الله تعالى وجود البشرية بذكر وأنثى وبث الناس منهما ، مصداقا لقوله تعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) ( 2 ) ، ولذلك شرع سبحانه وتعالى الزواج لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وجعله عهدا وميثاقا مدى الحياة ، تقديسا لهذه العلاقة وتكريما للإنسان ، مصداقا لقوله تعالى ( ولقد كرمنا بني ادم ) ( 3 ) . ولو تركت العلاقات بين الجنسين مـن غيـر تنظيم ، لانتهى الأمر إلى تفشي الرذيلـة واختلاط الأنساب ، واندثار مؤسسة الأسرة ، لذلك شرع الله الزواج ليكون الإطار الأمثل لتكاثر النوع البشري ، والعلاقة الزوجية لا تستقيم ولا تنتج أسرة سليمة ، إلا إذا كانت مبنية على المودة والرحمة والتعاون والتآزر مصداقا لقولة تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوابا لتسكنوا إليها وبعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( 4 ) ، ومن الطبيعي أن تكون نتيجة جعل الزواج إطارا شرعيا للعلاقات بين الزوجين ، تمتع كلا الزوجين بحقوقهما والتزاماتهما وكذا الأطفال بكافة حقوقهم ، والزواج عماد الاسرة وبه تنشأ وفي ظله تقوم بأدوارها في الحياة ، بل إن الزواج مؤسسة قديمة ومستقرة في الحياة الاجتماعية للبشر.

وتعتبر الأسرة ( 5 ) الخلية الأساسية في المجتمع ، وهي المدرسة الأولى والطبيعية لرعاية وتربية الأجيال ، وغرس القيم والأخلاق ، فالعناية بالأسرة والاهتمام بها ، وإحاطتها بكل أسباب التكريم والتقويم لها آثارها الكبيرة في المجتمع ، غير أن إعطاء تعريف دقيق للأسرة يبقى بعيد المنال بحكم تنوع طرق إنشائها ، وتباين مكوناتها واختلاف وظائفها ، ولارتباطها بتحولات المجتمع ، وفي تعريف للأسرة جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنها " الخليـة الطبيعيـة الأساسية للمجتمـع ولـهـا حـق التمتع بحماية المجتمـع والدولة " ( 6 ) ، وتأتي الأسرة على رأس المؤسسات الاجتماعية ، فطالما شكلت أساس الرأسمال الاجتماعي ، الذي تتعاظم أهميته راهنا ومستقبلا مع استفحال حالات التصدع الاجتماعي ، من عنف وتراخي العرى الاجتماعية وتراجع التعاضد والمساندة وارتفاع حالات الطلاق ، والأبناء غير الشرعيين ، وبذلك لم تعد وظيفة الأسرة تقتصر على المصاهرة والإنجاب ، بل أصبح لها دور متزايد في ضمان الأمن الاجتماعي ، فلقد أصبحت قوة المجتمعات تقاس بمدى حصانتها في عصر التصدع والتفسخ ، ومن تم فان التأسيس لحياة زوجية جيدة ، وأطفال متوازنون أصبح هدفا لتأسيس مجتمع متوازن ، فالعلاقات الأسرية محورية في بناء الصحة النفسية والكفاءة الكلية للشخصية اللتان أصبحتا تشكلان مقومات أساسية في التعامل مع التطور والتحول المتسارع ، وبذلك فالأسرة أساس قوي لتماسك بناء المجتمع ، وإقامة صرح الإنسانية ، وكثيرا ما اعتبرت واحة أمن وأمان ، كما اعتبرت بمثابة الرحم الاجتماعي الذي يعود إليه الفرد عادة لتضميد الجراح ( 7 ) . والأسرة في الشريعة الإسلامية مؤسسة تنبني فيها العلاقات على الاحترام والمودة والرحمة ، وبذلك فالزواج ليس سوى بداية مسيرة وليس نهايتها ، ويحقق الزواج حالة من التوازن الطبيعي للزوجين عن طريق إشباع دوافع متعددة أهمها الدافع الجنسي ، ودافع الأمومة والأبوة ، ولذلك فالأديان تبارك الزواج وتعتبره..".


محاضرات في قانون الأسرة


إرسال تعليق

أحدث أقدم