محاضرات في النشاط الإداري pdf
د.يحي حلوي- كلية القانون وجدة
مقدمة عامة: قانون الإدارة والقانون الإداري والعمل الإداري أية علاقة ؟ قد يبدو في البداية أن قانون الإدارة هو القانون الإداري ، وسبب ذلك قد يعود إلى كون وجود قانون إداري يتلاءم مع وجود إدارة ، لكن التعمق في التحليل قد يوضح أن القانون الإداري هو جزء من قانون الإدارة ، لأن القاسم المشترك بينهما هو وجود إدارة . ومصطلح إدارة قد يعني إما نشاط بمعنى إدارة أو تسيير عملية ما ، وقد يعني الجهاز الذي يمارس في ظله هذا النشاط . يجب إذن التمييز بين : الإدارة -نشاط Administration - Activite و الإدارة -جهاز I'Administration - Organe أو Appareil - dOrgane . إذن هناك ازدواجية في مفهوم الإدارة : مفهوم مادي ( النشاط ) ، ومفهوم عضوي ( الجهاز ) . كما يمكن القول أن هذين المفهومين هما معا جائزين حتى بالنسبة للإدارة التي تتعلق بأعمال خاصة . بينما المعنى الذي تتخذه الكلمة هو المعنى الشائع الإدارة العامة ، حيث ينظر الأفراد إليها في صورة قوة . وفي صورة تشخيص لـ السلطة ، ففي المغرب هناك من لا يزال يستعمل تعبير المخزن للدلالة عن الإدارة وذلك بالرجوع إلى التقليدية والقدسية لبلد المغرب ، وعليه عندما نتحدث عن الإدارة بدون نعت إضافي عامة ، فإننا نقصد بذلك الإدارة العامة ببنيتها وبمجموع أجهزتها . فطبقا للتعريف العضوي تظهر الإدارة كمجموعة من الإجهزة أو الأعوان الإداريين . وطبقا للتعريف المادي تظهر فيه الإدارة كمجموعة من المهام العامة . ويستعمل الفقه الإداري العبارتين معا العضوي والمادي في تعريف الإدارة . والفرق بينهما هو أن هناك من يعطي الأولوية للمعيار العضوي وهناك من يعطي الأولوية للمعيار المادي . فحسب تعريف الأستاذ Jean RIVERO تظهر الإدارة ك نشاط تعمل السلطات العامة من خلاله باستعمال عند الضرورة امتيازات السلطة العامة ، لتلبية الحاجات ذات المصلحة العامة يتضح من هذا التعريف أن الأستاذ RIVERO يقدم امعيار المادي بمعنى الإدارة -نشاط . ويحاول إبراز خصوصية النشاط الإداري وذلك بتمييزه تارة عن أنشطة الخواص ، وتارة أخرى عن النشاط العام ، مادام أن نشاط الإدارة ليس نشاطا عاما ، إنما يشكل جزءا منه فقط . من جهة أخرى هناك باحثون آخرون كالأستاذ Louis ROLLAND و Georges VEDEL اللذان أعطيا الأسبقية في التعريف للمعيار العضوي بمعنى الإدارة -جهاز . بهذا المعنى تكون الإدارة مجموعة من المرافق العمومية مسيرة من قبل أعوان إداريين ، أو مجموع هيئات الدولة . لكن بالرغم من هذه الإيضاحات التي تبدو أنها قريبة من مفهوم الإدارة التي تتجه في الأخير نحو حصر هذا المفهوم عن طريق المعيار العضوي ، فإن المشكل الذي قد يظهر هو عندما يتعلق الأمر بتعريف هذه المعايير ذاتها التي شكلت أمامه تعريف الإدارة ، وهكذا فإنه من السهل القول بأن الإدارة هي " مجموع الأجهزة الإدارية المكلفة بمهام إدارية أو المكلفة بإتمام نشاط إداري . ولكن ماذا نقصد بعون أو جهاز إداري ؟ وماهو النشاط أو العمل الإداري ؟ وماهي الشروط التي يجب أن تتوافر لإضفاء صبغة الطابع الإداري لنشاط أو عمل إداري . هذا النوع من التساؤلات تقودنا في آخر المطاف إلى نقطة انطلاقنا ما دام هدفنا هو ليس تعريف قانون الإدارة ، ولكن تعريف وحصر الطابع الإداري لهذا القانون ، الأمر يتعلق بالعمل الإداري ، ذلك العمل الذي يخضع لاجتهادات القاضي الإداري وليس القاضي المدني العادي . ووسائل العمل الإداري هذا لا تخرج عن تصرفين قانونيين اثنين : أحدهما يتعلق بـ القرار الإدري ( باب أول ) ، وثانيهما يتعلق بـ العقد الإداري ( باب ثان ) . وإذا كانت الإدارة في التصرف الثاني ( العقد الإداري ) تحتاج إلى طرف ، ولا تظهر سلطتها بشكل جلي إلا بعد التعاقد فإنها في التصرف الأول ( القرار الإداري ) - وبفعل ارتباطها العضوي بالدولة تتمتع بوسائل عمل قد تكون متميزة . في هذا الصدد يـقـول الأستاذ جاك شفالييه : " يظهر امتياز الإخضاع الذي تتمتع به الإدارة في شكل القدرة على الإلزام القانوني ، هذه القدرة هي الوسيلة التقليدية لنشاط الإدارة في تسييرها للمجتمع ، إذ يعتبر التصرف الانفرادي مركز القدرة القانونية للإدارة والتعبير الجوهري لسموها . صحيح أن التصرف الانفرادي يوجد أيضا في القانون الخاص حيث نصادف العديد من حالات العلاقات القانونية الغير مبنية على الاتفاق الإرادي فكما أوضح موريس هوريو Maurice HAURIOU بإمكان كل مؤسسة أن تفرض على أعضائها مجموعة من المبادئ الضرورية لاستمرارها وتطورها كما أن مظاهر السلطة والإخضاع ليست غائبة في العلاقات الفردية ؛ غير أن التصرف الإداري الانفرادي له خصائص متميزة ، فهو يمثل الركيزة الأساسية في العلاقات الإدارية التي تتمتع من خلالها الإدارة بوسائل قانونية هامة تستتبع التنفيذ . ولا تتخذ الانفرادية معناها الكلي إلا حينما تتخذ شكل القرار التنفيذي....