التطلعات الوطنية والدولية لمغرب الاستقلال وشبابه
الملك الراحل الحسن الثاني (رحمه الله)- الرباط 1957
كما تعلمون ألقيت محاضرة منذ يومين في مدينة الدار البيضاء في ثانوية مولاي الحسن وتحدثت مع الطلبة الحاضرين وقلت لهم بأني لم آت إلى هنا بصفتي أستاذاً ، أو مرشداً ، أو فيلسوفا لألقنهم أشياء لا يعرفونها أو أشرح لهم أشياء استعصت عليهم . وقد اسعدني الحظ كوني لازلت قريبا من عهد الدراسة . ولا زلت أتذكر الوقت الذي كنت فيه تلميذاً . حيث انني منذ صغري غامرت في الأمور السياسية ، وامكنني بفضل والدي نصره الله أن أشارك في مسؤوليات الحكم ، فلهذا قلت لهم بأنه يمكن لي أن أوجه لهم نصائح بكيفية عامة . وقلت لهم إن النصيحة التي أوجهها لهم هي التمعن في تطور العالم القرون والأحقاب . عبر لقد كان تسيير شؤون الأمة ومسؤولية الحكم ، ومسؤولية النقض ومسؤولية الإبرام ، موقوفة على طائفة دون طائفة . أو على أشخاص دون أشخاص . وكان يتم اختيار هؤلاء الأشخاص في بادىء الأمر إما لقوتهم البدنية ، أو لقوتهم العسكرية ، أو لقوتهم الفكرية ، ولكن كيفما كان الحال كانت تلك المسؤولية في نطاق ضيق . وقلت لهم اذا اردنا أن نلقي نظرة على كيفية تسلسل التاريخ ومراحل التاريخ نلاحظ منذ بضع سنين ان المسؤولية العامة لم تبق محصورة في طائفة دون أخرى ، ولا جماعة دون جماعة بل أصبحت اليوم تهم جميع الطبقات التي تشارك في مجتمع منظم....